بين خطط السلام وواقع الخيام.. غزة تنتظر القوة الدولية وإعادة الإعمار
بين خطط السلام وواقع الخيام.. غزة تنتظر القوة الدولية وإعادة الإعمار
الكوفية تدفع الولايات المتحدة إلى الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق السلام في غزة، من خلال تشكيل قوة استقرار دولية لنشرها مطلع العام المقبل، رغم العراقيل الإسرائيلية.
وتوقع مسؤولون أميركيون نشر هذه القوات بحلول مطلع العام المقبل، بعد بحث التفاصيل خلال اجتماع للقيادة المركزية الأميركية، بمشاركة عدد من الدول، في العاصمة القطرية الدوحة، الثلاثاء، وفق ما أوردت وكالة "رويترز".
وقال مسؤولان أميركيان إن من المتوقع أن ترسل أكثر من 25 دولة ممثلين عنها للمشاركة في الاجتماع الذي سيتضمن جلسات لمناقشة هيكل القيادة وقضايا أخرى متعلقة بقوة الاستقرار في غزة.
ويريد الرئيس الأميركي دونالد ترمب رؤية تقدم بعملية السلام في غزة، قبل زيارة رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو نهاية الشهر إلى مارالاجو، مقرّ الرئيس الأميركي الخاص في ولاية فلوريدا.
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت، للصحافيين، إن "هناك الكثير من التخطيط الهادئ الذي يجري خلف الكواليس في الوقت الحالي للمرحلة الثانية من اتفاق السلام.. نريد ضمان سلام دائم ومستمر".
دور أوروبي مرتقب
ونقل موقع "أكسيوس" عن مصادر قولها إن مسؤولين أميركيين أبلغوا دبلوماسيين أوروبيين أنه في حال لم تُرسل الدول الأوروبية جنوداً للمشاركة في قوة الاستقرار الدولية في غزة، أو لم تدعم الدول التي تفعل ذلك، فإن "الجيش الإسرائيلي لن ينسحب من قطاع غزة".
وأضاف الموقع أن "الرسالة كانت واضحة: إذا لم تكونوا مستعدين للذهاب إلى غزة، فلا تشتكوا من بقاء الجيش الإسرائيلي هناك".
ولا تزال إسرائيل تسيطر على 53% من قطاع غزة، بينما يعيش جميع سكان القطاع البالغ عددهم مليوني نسمة تقريباً في المنطقة المتبقية.
ووفقاً لخطة ترمب، عندما تُرسّخ القوة الدولية سيطرتها بعد ذلك وتوطد الاستقرار، ستنسحب القوات الإسرائيلية تدريجياً "وفقاً لمعايير ومراحل وأطر زمنية مرتبطة بنزع السلاح".
ويعد نشر هذه القوة جزءاً رئيسياً من المرحلة التالية من خطة ترمب للسلام في غزة.
وترى الولايات المتحدة أنه "لا بديل" عن تنفيذ مراحل اتفاق غزة، إذ قالت المتحدثة الإقليمية باسم الخارجية الأميركية كاريسا جونزاليز، إن ترمب يتواصل مع الشركاء لتطبيق الاتفاق.
وأعربت إندونيسيا عن استعدادها لنشر ما يصل إلى 20 ألف جندي لتولي المهام المتعلقة بالصحة والبناء في غزة، وفق بيان لوزارة الدفاع.
خطوات أساسية قبل المرحلة الثانية
ورغم إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تأييده العلني للاتفاق، في سبتمبر، لا تزال هناك فجوات كبيرة بين واشنطن وتل أبيب.
وتشترط إسرائيل خطوات أساسية قبل الانتقال إلى المرحلة الثانية، أبرزها عودة آخر جثامين الرهائن من القطاع، ومقاومة الجهود الأميركية لحل مسألة مقاتلي "حماس" العالقين في رفح بجنوب قطاع غزة، بحسب شبكة CNN الأميركية، لكن صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية نقلت عن دبلوماسي غربي قوله إن إعادة جثمان آخر محتجز إسرائيلي "ليست شرطاً ضرورياً" للانتقال إلى المرحلة التالية، "لا بالنسبة لإدارة ترمب ولا لإسرائيل".
وقبل الإعلان رسمياً عن المرحلة المقبلة، تحرص الولايات المتحدة على موافقة حركة "حماس" على نزع سلاحها. ويمارس المبعوثون الأميركيون "ضغوطاً كبيرة على الوسطاء في هذا الشأن"، وفق "هآرتس".
وتواصل إسرائيل التركيز على "نزع سلاح حماس"، و"تجريد غزة من القدرات العسكرية".
واستبعد المسؤولان الأميركيان، في تصريحاتهما إلى "رويترز"، أن تتولى القوة الدولية التي سيجرى تشكيلها "قتال حماس"، على الرغم من أن السفير الأميركي لدى الأمم المتحدة مايك والتز أشار، الخميس، إلى أن مجلس الأمن فوض القوة الدولية بـ"نزع سلاح غزة بكل الوسائل الضرورية، وهو ما يعني استخدام القوة".
وقال والتز للقناة 12 الإسرائيلية إن "من الواضح أن هذا سيكون موضع نقاش مع كل دولة"، مضيفاً أن المناقشات بشأن قواعد الاشتباك جارية.
وأشار نتنياهو في خطاب ألقاه، الأحد، إلى أن المرحلة الثانية ستتجه نحو نزع الطابع العسكري ونزع السلاح.
ومنح قرار، تبنّاه مجلس الأمن الدولي في 17 نوفمبر، تفويضاً لـ"مجلس السلام" والدول الذي تتعاون معه لتأسيس قوة استقرار دولية مؤقتة في غزة.
وقال مسؤولون أميركيون وإسرائيليون، لـCNN، إن "القوة الدولية ستنتشر أولاً إلى جانب الجيش الإسرائيلي في المناطق التي يسيطر عليها داخل غزة، لكن من غير المؤكد ما إذا كانت دول إسلامية سترغب في الظهور بمظهر المتعاون مع القوات الإسرائيلية".
ملامح تركيبة "مجلس السلام"
المتحدثة باسم الخارجية الأميركية جونزاليز لفتت، في تصريحاتها الإعلامية إلى "تحقيق بعض الخطوات الملموسة على أرض الواقع بشأن مجلس السلام الذي سيدير قطاع غزة، عبر التواصل مع الشركاء في المنطقة، لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة".
ووفق "هآرتس"، بدأت ملامح هيكل وتركيبة مجلس سلام غزة تتضح، مشيرة إلى أن من المتوقع أن يتشكل من ثلاثة مستويات.
المستويات الثلاثة لـ"مجلس السلام" في غزة
المستوى الأول:
يضم الرئيس الأميركي دونالد ترمب وقادة عرب وغربيين.
المستوى الثاني:
لجنة تنفيذية تضم ويتكوف وكوشنر، وتوني بلير، ومدير البنك الدولي أجاي بانجا.
المستوى الثالث:
مسؤولون تنفيذيون يعملون تحت إشراف اللجنة التنفيذية، ويتولون التنسيق اليومي مع اللجنة الفلسطينية التكنوقراطية.
ويضم المستوى الأول، وهو القمة، الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى جانب قادة عرب وغربيين.
أما المستوى الثاني، فسيتشكل من لجنة تنفيذية يُرجَّح أن تضم المبعوثين الأميركيين ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر، ورئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير، والمنسق الخاص السابق للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط نيكولاي، إضافة إلى رئيس البنك الدولي أجاي بانجا.
ويُنظر إلى وجود بانجا في اللجنة على أنه ضمانة ضد الفساد وعدم توقف تمويل إعادة إعمار غزة. ومن المرجح أن تضم اللجنة أيضاً رجال أعمال آخرين لم تُكشف أسماؤهم بعد.
والمستوى الثالث، سيضم مسؤولين تنفيذيين يعملون تحت إشراف اللجنة التنفيذية، ويتولون التنسيق اليومي مع اللجنة الفلسطينية التكنوقراطية، على أن تمر أموال إعادة الإعمار إلى غزة عبر هذه اللجنة لتنفيذ مشاريع إعادة الإعمار الكبرى في القطاع.
لكن على أرض الواقع في غزة، لا يزال مئات الآلاف من الفلسطينيين النازحين متكدسين في خيام هشة، يرتجفون من البرد، وينامون على فرش مغمورة بالمياه.
ورغم الحديث المكثف عن إعادة الإعمار، لا توجد على الأرض أي إمكانية حتى لإدخال خيام ذات هياكل معدنية متينة، بسبب رفض إسرائيل ذلك.