قمة الدوحة تعري خطة ترامب في غزة
نشر بتاريخ: 2025/12/19 (آخر تحديث: 2025/12/19 الساعة: 18:46)

خلال ترويجها لأهمية قرار مجلس الأمن 2803، استخدمت الولايات المتحدة تشكيل قوة الاستقرار الدولية " ISF "، كذراع ترويجي لما سيكون من فرض وقف إطلاق النار، والذهاب لتنفيذ القرار الأممي بسلاسة، تكون تحت صلاحيات مجلس السلام بقيادة الرئيس الأمريكي ترامب، والذي يطلق يوميا تصريحات حول الراغبين المشاركة بها وبمجلسه الخاص.

منذ صدور القرار الأممي نوفمبر، لم يحدث ما يمكن اعتباره مؤشرات إيجابية تخدم رؤية التنفيذ، بل كل المؤشرات تؤكد عدم وجود رغبة حقيقة أمريكية – إسرائيلية نحو استكمال الخطوات التالية، والانتقال لما أسموه المرحلة الثانية من مكونات القرار، والتي تتضمن إلى جانب فتح المعابر وانسحاب قوات الاحتلال إلى مناطق محددة، نزع السلاح وتدمير "البنية التحتية للإرهاب" وفقا لنص القرار.

وجاءت قمة الدوحة 16 ديسمبر 2025، لتزيل كثيرا من محاولات "مكيجة" الرؤية الترامبية، وبأنها ليست سوى عناصر غير مترابطة ولا متكاملة، وهدفها الأساس ليس وقف حرب غزة وبحث الانتقال لمرحلة تقيد يد دولة الكيان، بل نقيضها تماما.

مشاركة 45 ممثلا بعد دعوات لدول كان مفترض وجود ما يقارب الـ 60 دولة، ليؤكد أن التحفظ بدأ مبكرا من الطريقة الأمريكية لإدارة تنفيذ قرار مجلس الأمن، ليس من حيث الشكوك بمضمون الفكرة، بل من حيث طريقة العمل الاستخفافية، وكأن الآخرين ليسوا سوى أدوات تنفيذية للرغبة الترامبية.

منطقيا، لو كان الأمر يحمل جدية حقيقية لتنفيذ قرار مجلس الأمن، أي كان ما به من خطايا سياسية، لبدأ من تشكيل "مجلس السلام" وإدارته التنفيذية، كونه المشرف على قوة الاستقرار وصاحب تحديد صلاحياتها، ورؤيتها الكاملة، والدور المكلفة به، وحدود انتشارها، وقيادتها التنفيذية ومركزها، بينما أمريكا تبحث العمل بشكل معاكس، وهو لن يستقيم أبدا نحو الذهاب لتحقيق الهدف المراد.
 

ومن فضائح ما أظهرته قمة الدوحة، هو أن هناك "فيتو" مختف تمارسه دولة الكيان الاحلالي على تشكيل "قوة الاستقرار" بالمعني المباشر، عندما اعترضت على المشاركة التركية بها، رغم ما بينهما من مصالح استراتيجية اقتصادية وأمنية، وتقاسم وظيفي في سوريا، موقف كشف أن حكومة نتنياهو، هي من يقول نعم ولا في كل ترتيبات تنفيذ قرار مجلس الأمن 2803، مسألة كان يجب رفضها، وليس الاستجابة لها، ما يؤكد أن التالي سيكون إسرائيليا بشكل كبير.

عدم تحديد مكونات مجلس السلام وإدارته التنفيذية، سيؤدي إلى عدم تشكيل "قوة الاستقرار"، ما سيترك لدولة الكيان أن تواصل حرب الإبادة في قطاع غزة بأشكال جديدة، وتدمير ملامح الحياة الإنسانية ومستقبلها، ومواصلة حصار القطاع عبر إغلاق المعابر والتحكم في المساعدات، وفتح قنوات "التهجير الناعم" بمسميات متعددة، رغم قلة الأرقام لكنها تعزز السعي نحو مبدأ "الحل الفردي" للكارثة الإنسانية، وهي من المظاهر الخطيرة على الوعي الوطني المستقبلي.

يأتي رفض حكومة الفاشية اليهودية لأي دور للرسمية الفلسطينية، رغم أن الغالبية الأممية وقبلها العربية تطالب بذلك، لتؤكد بأنها هي وليس غيرها من يرسم ملامح مستقبل قطاع غزة، وهي تستخدم الموقف الأمريكي تعزيزا لمسارها، خلافا لكل ما تحاول أوساط أمريكية القيام بعملية تضليل بالحديث عن "ضغوط" من البيت الأبيض على حكومة نتنياهو، وصل بالبعض بنشر مسرحية "الشتم والصراخ"، في مشهد ابتذالي فريد روجت له بعض وسائل إعلام عربية، وهي تعلم بأنه كذب نقي كامل، لكنها تبحث سد عورتها السياسية بالخنوع للإدارة الأمريكية.
 

وتقف الحركة المتأسلمة (ح م ا س) لتكون قوة دعم مضافة لمخطط دولة الاحتلال، وكذا الارتباك الأمريكي، عبر تصريحات بعض قادتها فاقدي الحس الإنساني قبل الوطني، من خلال إطلاق كلام دون تفكير في أبعاده لخدمة جوهر المشروع الاحتلالي في الهروب من الذهاب لتنفيذ قرار مجلس الأمن، لتكون جهة عقاب ثالثة لأهل قطاع غزة.

قيادة الحركة المتأسلمة، وهي تتحدث عن شروط بقائها وسلاحها، فتلك ما تريده دولة الكيان وإدارة ترامب، باعتبارها تهدد المرحلة التالية من الاتفاق، رغم أن ح م ا س تعلم يقينا بأنها لن تكون لا مشهدا ولا وجودا في اليوم التالي عندما يبدأ قرار التنفيذ، لكنها كما هي منذ نشأتها لا ترى سوى كيفية طعن المشروع الوطني، ولم تكتف بدورها في مؤامرة 7 أكتوبر 2023، لكنها تصر إلى استكمالها بالحد الأقصى.

كي لا تستمر المناورة الأمريكية في "مكيجة" خطة ترامب والهروب من الالتزام بما تم اتفاقا، يجب طلب عقد وزاري عربي مع مكتب رئاسة القمة العربية لبحث آليات تنفيذ قرار 2803، بالتنسيق مع رئاسة مجلس الأمن، وعدم البقاء على قارعة الطريق الأمريكي انتظارا.