عرب بلا خرائط… وجوجل يكتب مصيرنا الرقمي
نشر بتاريخ: 2025/12/17 (آخر تحديث: 2025/12/17 الساعة: 19:47)

مرّ الزمان بين مرّه وحلوه، كنّا فيه سادة القوم تاريخيًا؛ الماضي لنا، أمّا الحاضر والمستقبل فكأنهما كُتبا بمدادٍ غير مدادنا. بعد سقوط النقطة، تحوّل المجد إلى الغرب، وتحوّل العرب من أصل الحضارة والعلوم إلى هامش العالم الثالث؛ ضعفاء فكريًا، رغم الغنى النفطي والمالي الذي يفيض عن الحاجة.

في زمن الثورة الرقمية، ومع صعود عمالقة التكنولوجيا من جوجل إلى فيسبوك وسائر التطبيقات الذكية، بات العربي أسيرًا لهذه المنصّات، لا مستخدمًا لها. تحوّل إلى سلعة في سوق البيانات، تُباع وتُشترى، وتآكلت الخصوصية في مزاد المعلومات المفتوح، حيث تُدار العقول كما تُدار الخوارزميات.

على سبيل المثال لا الحصر، يتصرّف “جوجل” كجغرافي مسيّس، يحذف ما لا يرضي الغرب من فضائه الأزرق؛ تُمحى فلسطين من الخرائط، وتُغيَّب أسماء مناطق فلسطينية كاملة، في انحيازٍ فاضح يرضي إسرائيل. ولا يقتصر الأمر على الجغرافيا، بل يمتدّ إلى المحتوى العربي؛ كل ما لا يتناغم مع سياساتهم يُحذف، الحسابات تُوقَف، والتطبيقات تُقيَّد، وكأن الصوت العربي تهمة تحتاج إلى إذن مرور.

خلاصة:

كانت بين العرب والغرب علاقاتٌ أصيلة، أشبه بإخوةٍ تخاصموا. وأثناء العراك، سقطت النقطة على الفريق العربي، فصار بعضهم "عرْبًا" وانحصر في قطار العالم الثالث، يلوّح من نوافذه بالأسف والحنين، بينما ركب الغرب قطار التقدّم والابتكار، وتوّج أسيادًا للعالم.

من هنا، تتعاظم المسؤولية، وتعلو الدعوة إلى تحرّرٍ عربي حقيقي من القيود التي فُرضت علينا رقميًا. آن الأوان لتطوير تطبيقات عربية، ومنصّات تحترم حقوقنا، وتحفظ حدودنا، وتصون الإنسان العربي وذاكرته وهويته. آن الأوان لتفتيت القيود الإلكترونية، وإفشال سوق النخاسة الرقمي الذي لم يعد يهتمّ بعبودية الجسد، بل جعل همه الأوحد استعباد العقول والأرواح.

نحتاج إلى فتح آفاق جديدة، وتوسيع فضائنا العربي نحو مستقبلٍ لا نكون فيه مستهلكين فقط، بل صنّاع قرار ومعرفة. لدينا عقول ومبرمجون يستحقون رفع القبعات لهم؛ أطلقوا العنان لهم ليحلّقوا في الفضاء العربي، لا كتوابع، بل كروّاد يرسمون خرائطهم بأيديهم، بلا دكتاتورية… رقمية كانت أم سياسية.